لماذا زرع الكراهية والأنقسام وهم يتغطرسون
نتانياهو يسرح ويمرح ويبرطع فوق الضعف العربي والانقلاب الاميركي على وعود الرئيس اوباما والانقسام الفلسطيني وحملات التحريض والتشكيك الواحد ضد الاخر. فهو وعشية وصول ميتشيل ومغادرته دون ان يحس به احد، يعلن ان معابر الاردن والاغوار ستظل تحت السيطرة الاسرائيلية حتى في حال قيام الدولة الفلسطينية. ثم يذهب متعمدا الى تجمع مستوطنات «غوش عتصيون» ويقول انها ستبقى الى الابد جزءا من اسرائيل، ويذهب بالامس متعمدا ايضا، الى مستوطنة «اريئيل» ويزرع شجرة زيتون ويتحدث عما اسماه «ارض الاباء والاجداد» ويقول لاحدى المستوطنات ستعيشين هنا ويعيش ابناؤك ويعيش احفادك طويلا لان هذه المستوطنة ستبقى جزءا من اسرائيل ايضا.
ولا يكتفي نتانياهو بتعطيل صفقة الاسرى واتهام ممثل اسرائيل في المفاوضات بالتمادي والذهاب بعيدا في تقديم «التنازلات» دون ضرورة او مبرر، وانما هو يفتح صفحة جديدة في الحرب المفتوحة بعد اغتيال القيادي في حماس الشهيد محمود المبحوح في الامارات، رغم الهدنة غير المعلنة مع حماس في اطار المقاومة الراشدة.
وفي عهده تدخل العلاقات الاردنية - الاسرائيلية مرحلة فتور غير مسبوقة وتتكاثر الاحاديث عن توتر عميق في العلاقات بين الجانبين، وادانة الاردن ورفضه القوي لاية افكار حول الخيار الاردني الذي تروج له بعض الدوائر الرسمية الاسرائيلية.
وفوق هذا وذاك تتواصل اعمال الاستيطان ر غم الاعلان المضلل عن تجميده لفترة عشرة اشهر، كما تتواصل حملات تهجير المواطنين وهدم منازلهم والتهويد والحفريات في القدس.
نتانياهو اذن، يعاكس كل المعادلات في المنطقة ويقلب الطاولة فوق رؤوس الداعين لاستئناف المفاوضات ويجعل السلام ابعد ما يكون عن التحقيق واقرب ما يكون الى المستحيل.
في المقابل، فاننا لا نغرق في الانقسام فقط، ولكننا نواصل حملات التحريض وتبادل الاتهامات والاعتقالات رغم الاحاديث المنافقة عن المصالحة والرغبة في تحقيق الوحدة الوطنية، وتبدو الوحدة الوطنية القريب البعيد، والممكن المستحيل. ولا يكتفي البعض بذلك وانما يؤسس الى كراهية تمتد للاجيال القادمة عبر برامج مخصصة للاطفال، تبثها قناة الاقصى.
من هذه البرامج مشهد بركة دماء يغرق فيها اطفال فلسطينيون قتلهم جندي اسرائيلي يقف بالقرب منهم حاملا رشاشه، وبجانبه ضابط شرطة فلسطيني يقول له انتم تقتلون اطفالنا امام اعيننا .. وسنرد عليكم بالمزيد من خطوات السلام.
في برنامج اخر بعنوان مهمة خاصة، يظهر ضابط فلسطيني اسمه بهلول وهو يقبل رجل جندي اسرائيلي ويلمع حذاءه ويقسم انه مستعد لقتل شقيقه وتطليق زوجته واعتقال اقاربه .. اذا امره الاسرائيليون بذلك. بالاضافة الى برامج اخرى سابقة في هذا السياق.
انها عملية زرع للكراهية في عقول الاجيال القادمة وتأسيس للتشكيك في وطنية واخلاق الاخرين عموما، واتهامهم بالخيانة والعمالة وقبول الذل والهوان، ولا كارثة تربوية ووطنية تفوق هذه الحالة. ان تبادل الاتهامات والتحريض لن يعني في النهاية سوى المزيد من الاحباط لدى المواطن الفلسطيني الطيب البسيط غير الفئوي والراغب حقا في تحقيق الوحدة والمصالحة والعمل معا لمواجهة التحديات التي يثيرها نتانياهو وحكومته بصورة متزايدة واستفزازية للغاية.
الجرح عميق ونازف، فلا ترشوا الملح على الجرح، الوضع مأساوي ويبدو مغلق الابواب امام اي انفراج، فلا تزيدوا المعاناة وافتحوا نوافذ للامل.
القدس تبكي حالها ومستقبلها فاخجلوا من انفسكم ايها المتباكون عليها. كفى خطبات وبيانات وادانة واستنكارا، فقد انتهى مفعول هذه الاسطوانة المشروخة. ارتقوا الى مستوى التحديات وكونوا جميعا اهلا للمسؤولية والقيادة.
هل تسمعون همسات المواطنين البسطاء وصرخاتهم؟ وان سمعتم هل تستجيبون؟ ام انكم لا تسمعون ولا ترون سوى مصالحكم وما تريدون رؤيته فقط.
ان مصيبة امتنا ، ونحن جزء منها، ان الناس في واد والقادة في واد اخر، ولهذا نسير من سيء الى أسوأ ومن قهر الى قهر ومن ضعف الى احباط، ومن فقر الى فقر اوسع، ومن تجاهل دولي الى استهتار ومن احتفالات باعياد الجلاء الى احتفالات باقامة القواعد. السؤال الكبير متى تتغير المعادلة ومن يقوم بالتغيير.
ملاحظة
لو اننا نستنفر قوانا واشخاصنا في المواقف الوطنية كما نفعل في المواقف العشائرية والقبلية، لتغير الكثير من الاشياء.
*من هذه البرامج مشهد بركة دماء يغرق فيها اطفال فلسطينيون قتلهم جندي اسرائيلي يقف بالقرب منهم حاملا رشاشه، وبجانبه ضابط شرطة فلسطيني يقول له انتم تقتلون اطفالنا امام اعيننا .. وسنرد عليكم بالمزيد من خطوات السلام.
في برنامج اخر بعنوان مهمة خاصة، يظهر ضابط فلسطيني اسمه بهلول وهو يقبل رجل جندي اسرائيلي ويلمع حذاءه ويقسم انه مستعد لقتل شقيقه وتطليق زوجته واعتقال اقاربه .. اذا امره الاسرائيليون بذلك. بالاضافة الى برامج اخرى سابقة في هذا السياق.